top of page

رسائل السيدة الجليلة ؟



كتب-عاصم رشوان

عام كامل يمضي على أول زيارة رسمية لجلالة السلطان هيثم بن طارق الى مصر، والتي كانت أول محطة عربية من خارج اطار مجلس التعاون الخليجي حيث حرص جلالته على زيارتها تقديرا لعمق العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين من جانب وتثمينا لمكانة مصر الخاصة في عقول وقلوب سلاطين عمان كافة على امتداد القرنين الفائتين.


ضمن هذا الاطار جاءت الزيارة الكريمة للسيدة الجليلة عهد بنت عبدالله البوسعيدي حرم جلالة السلطان هيثم مطلع الشهر الجاري ضيفة عزيزة على مصر وشعبها حيث كانت في مقدمة مستقبليها حرم رئيس الجمهورية.


الاماكن التي حرصت على زيارتها برفقة السيدة انتصار السيسي عكست اهتماماتها الانسانية والثقافية والاجتماعية التي شكلت وجدانها وحسها المرهف ومشاعرها النبيلة في مسيرة حياتها خلال العقود الماضية.. فقد تلقت تعليمها بمراحله المختلفة في مدارس سلطنة عمان لكنها أكملت دراستها الاكاديمية خارجها متخصصة في علم الاجتماع الذي كان ولايزال واحدا من ابرز اهتماماتها ثم سعت بعد ذلك لتنويع معارفها باللغتين العربية والانجليزية ومازالت تواظب على القراءة والاطلاع في مجالات الاجتماع والتاريخ والثقافة والادب والفن، معتبرة أن هذه المجالات المتنوعة تشكل المفتاح الحقيقي لفهم طبيعة الشعوب وتركيبتها الحضارية..



كان البعد الانساني في شخصية السيدة الجليلة عهد بنت عبدالله البوسعيدي هو الذي دعاها لزيارة مستشفى سرطان الاطفال بكل ما حملته تلك الزيارة من معاني سامية رفيعة المستوى رقيقة الاحاسيس متدفقة المشاعر.


ولأنها قارئة جيدة للتاريخ ،واعية بتفاصيله ،مدركة لمفرداته التي تشكل لغة مشتركة بين الحضارات، جاءت زيارتها التالية الى المتحف المصري الكبير – قبيل افتتاحه رسميا – شغفا منها للمزيد من المعرفة بتفاصيل حضارة المصريين القدماء.. وكان ملفتا أن تحمل السيدة الجليلة معها هدايا ذات دلالة خاصة الى هذا المتحف.. تمثلت في باقات من "اللبان العماني" الذي طالما استخدمه المصريون القدماء بخورا محببا خلال ممارستهم لطقوسهم الدينية في معابدهم.


تلك اللفتة تذكرنا بواقعة تاريخية هامة في العلاقات المصرية العمانية ، فقبل ثلاثة ألاف وخمسمائة عام تقريبا، أبحرت السفن المصرية الى شواطئ بلاد بونت – التي من بينها ظفار العمانية – قاصدة جلب تلك الثمار النادرة صاحبة الخواص السحرية في العلاج والزينة وطرد الأرواح الشريرة.

ففي تلك الفترة من سنوات ما قبل الميلاد، كانت في مصر ملكة فاتنة الجمال اسمها حتشبسوت تعتني بجمال بشرتها وأناقتها وكامل زينتها.. وقيل لها أن شجرة تنبت في أصل الصحراء الشاسعة في الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية ،تتميز ثمارها بالقدرة الفائقة على الاحتفاظ بنضارة البشرة وجمالها ونعومتها.. فما كان منها الا أن أمرت رجالها بتجهيز السفن الى حيث تلك البلدان العامرة بالشجرة المباركة وثمارها النادرة في خصائصها وفوائدها...وسارت هي على رأس القافلة فكانت رحلة الملكة الفرعونية "حتشبسوت" الى هناك جالبة أطنانا من تلك الثمار التي كان بخورها يعطر المعابد الفرعونية القديمة ممارسين طقوسهم بعيدا عن الأرواح الشريرة!


وان كانت ملكة مصر القديمة ..الجميلة الفاتنة.. قد تحملت مشقة السفر الى جنوب عمان لتحضر ثمار اللبان الساحرة.. فها هي سيدة عمانية بوسعيدية - السيدة الجليلة - تتميز بالأناقة والجمال وحسن الخلق وأصالة النسب قد جاءت من أرض اللبان حاملة رسائل المحبة الى أرض حتشبسوت.. في المتحف المصري الكبير.. تاريخ يجدده العارفون فقط بمعانيه وأبعاده.


شكرا سيدتي الجليلة على تلك الرسائل النبيلة.. وتحية تقدير وامتنان لعمان الحبيبة.. شعبا وسلطانا.

Comments


bottom of page