لا يرقىٰ شكٌّ أنّ العملَ على الأرضِ خيرٌ من ألفِ كلمةٍ، ونحنُ ندركُ أنّ مسؤوليتنا تجاهَ أولادِنا وشبابِنا واسرنا المصرية تتجلى في توعيتهم بالتراثِ المصريِّ وتعزيزِ الهويةِ لديهم. ففي زمنِ المخاطرِ الجمةِ والغزواتِ الثقافيةِ المتنوعةِ، تُصبحُ حمايةُ الهويةِ واجبًا وطنيًّا لا يقبلُ التأجيل. وعن أهميةُ الهويةِ فتُمثّلُ الهويةُ الرداءَ الذي يكسوُ روحَ الوطنِ، والانتماءَ الذي يُعزّزُ الولاءَ للدينِ والمجتمعِ. فمُواطنٌ بلا هويةٍ هو مُواطنٌ بلا شعورٍ أو وجدانٍ، مُهيّأٌ للانقيادِ لأيِّ غزوٍ ثقافيٍّ أو اقتصاديٍّ أو دينيٍّ أو رياضيٍّ أو سياسيٍّ. وحول مسؤوليتنا تجاهَ الجيلِ الجديدِ فتقع على عاتقِنا مسؤوليةُ حمايةِ جيلِ المستقبلِ من الغزواتِ التكنولوجيةِ والأفكارِ الهدّامةِ. ونحنُ نُؤكّدُ على أهميةِ تربيةِ أولادِنا على حبِّ تراثِهم المصريِّ وهويتهم المصريةِ بقيمِها النبيلةِ من حبٍّ وولاءٍ وانتماءٍ.
وعن المبادراتٌ لحمايةِ الهويةِ فتسعى المؤسساتُ المصريةُ جاهدةً لحمايةِ الهويةِ المصريةِ وتعزيزِها، ونذكرُ هنا جهودَ وزارةِ التعليمِ العالي والبحثِ العلميِّ ممثلةً في أكاديميةِ البحثِ العلميِّ والتكنولوجيا. فمن خلالِ خارطةِ طريقِ التراثِ وتأصيلِ الهويةِ المصريةِ، تسعى الأكاديميةُ إلى نشرِ الوعيِ بينَ الطلابِ والشبابِ بأهميةِ التراثِ المصريِّ وقيمِه النبيلةِ. إنّ حمايةَ الهويةِ مسؤوليةٌ تقعُ على عاتقِ الجميعِ، ونحنُ نُؤكّدُ على أهميةِ العملِ معًا لحمايةِ جيلِ المستقبلِ من الغزواتِ الثقافيةِ وتأصيلِ الهويةِ المصريةِ في عقولِهم ووجدانِهم.
وتسعي المؤسسات المصرية الحكومية الرسمية بالزود عن الهوية المصرية واصالتها وترسيخها بكل وشتى السبل الممكنة حفاظا على الإنسان المصري اساس وعماد الوطن فهنيئا لوطن يعتز فيه المواطن بتراثه وهويته محافظا مدافعا عن تلك الهوية حصن وأمان وطننا الحبيب مصر. فمساعي الدولة المصرية كبيرة وكثيرة وذلك من خلال التكليفات الرسمية وغير الرسمية للمعنيين والمسؤولين والمهتمين وأصحاب الرؤي والثقافة، ويجب عليهم ان يقوموا بواجبهم حيال ذلك. ومن الأمثلة الساطعة والمنيرة والتي بدأت تخطو اولي خطواتها نحو الزود عن التراث المصري وتأصيل الهوية المصرية لدي جموع وفئات الشعب وخاصة الطلاب والشباب زهور وأمل المستقبل القريب ما تقوم به وزارة التعليم العالي والبحث العلمي برعاية معالي أ.د./ ايمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي ممثلة في اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بإشراف سعاد أ.د./ جينا الفقي رئيس اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا من خلال قطاع المجالس النوعية ودورة الهام والحيوي والمنوط به من خلال احد مجالسه المتخصصة وهو مجلس بحوث الثقافة والمعرفة وهو احدي المجالس المعنية بالثقافة المصرية وتعزيز المعارف وذلك من خلال فريق بحثي علمي حملوا علي عاتقهم جبهه حماية الهوية المصرية وتأصيلها من خلال التراث المصري العظيم.
وتجلي ذلك الأمر من خلال خارطة طريق وضعت بعناية ودراسة متأنية وقدمت لها اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا كافة السبل المعنوية والمالية لتحقيق أهدافها واجندتها وهي خارطة طريق التراث وتأصيل الهوية المصرية والتي بدأت من بضع شهور بالنزول للشارع المصري والمؤسسات المصرية كافة والطلاب المصريين أينما كانوا في المدارس و الجامعات والأندية ومراكز الشباب والمساجد والكنائس للتحدث معهم والقرب منهم وفهم عقولهم وثقافتهم، وتلقينها وتنقيتها وتعزيز وتأصيل قيم الولاء والانتماء والتسامح والحب فيها وفي وجدانهم وتأصيل هويتهم وتحبيبهم فيها والافتخار والاعزاز كونهم مصريين أصحاب حضارات متعددة علمت العالم العلم والثقافة والمعرفة. وهم على العهد مستمرين بزرع بذور الهوية المصرية وتنميتها ورعايتها في أرض طيبة وهي عقول ووجدان هؤلاء الشباب قادة المستقبل حتى نجني ثمرات ذلك في كونهم أصبحوا واعين بأهمية الهوية المصرية والحفاظ عليها والزود عنها ضد كل ما هو عاري ومزيف ومضلل ضد كل المحاولات الشيطانية بسلخهم عن هويتهم وفقدهم شعور وقيم وعادات واعراف مصرية اصيلة تعبر عن قيمة هذا الوطن واصالته فبالتراث نحمي هويتنا والهوية سلاح بقاء الأوطان.
ونؤكد توكيد ثقة وواقع ان العمل علي ارض الواقع افضل مليون مرة من الحديث والتحدث من المكاتب دون المحاكاة والتفاعل مع الفئات المعنية، فتوعية أولادنا وشبابنا ومدرسينا بالتراث المصري وتعزيز وتأصيل الهوية لديهم والقرب من اولادنا و بناتنا مهم جدا، ولما لا والمخاطر كبيرة وكثيرة ومتلاحقة ومتنوعة، وهناك أشكال خادعة مثل الذئاب همها وشغلها الشاغل تقطيع رداء الهوية ومن ثم سلخ ذلك الرداء وهدم بل محو قيم الولاء والانتماء للدين و للمجتمع والوطن فتهون بعد ذلك أي شيء ويصبح مواطن بلا هوية بلا شعور او وجدان فيتقبل اي غزو لبلادة ولوطنه ايما كان ذلك الغزو ثقافيا واقتصاديا ودينيا ورياضيا وسياسيا.
وكما قيل في الأثر من هانت عليه نفسه هان عليه كل شيء ولا يوجد أعظم وأكبر وأهم من الوطن فهو الملاذ والملجأ والحصن والحائط والأمن والدفيء، وهو سماء آمنه وبرا مستقرا وارضا طيبة وبحرا امواجه أمواج خير.
كلموا اولادكم وحدثوا من هم في رعيتكم ممن تشملهم رسالتكم ورعايتكم الرسمية وغير الرسمية، أسرعوا ببناء حصون الأمان والحماية والزود عن الهوية المصرية واصالتها وترسيخها في عيون وعقول ووجدان والسنه هؤلاء الزهور اليافعة طلاب المدارس والجامعات ومراكز الشباب والرياضة فهؤلاء هم المستقبل. ويجب علينا جميع أن نحميه ونصونه حتي نضمن حمايتهم لنا ووطننا، فهم قادة المستقبل القريب وقيادات الغد فلا نتركهم فريسة لتلك الغزوات التكنولوجية وافكارها الهدامة، ومثلما يقال في الأثر (دس السم في العسل) ليعلم ويتقين ويعي عن اقتناع وإيمان هؤلاء الشباب والطلاب وحبهم لتراثهم المصري وهويتهم المصرية بقيمها الحب والولاء والانتماء، فوالله لا تنهار الامم الا بفقد هويتها وفقدان الاعتزاز بها وموت وانعدام قيم الولاء والانتماء للوطن.
وفي ختامِ جولتنا عبرَ دروبِ الهويةِ المصريةِ، نُدركُ أنّها ليستْ مجرّدَ انتماءٍ جغرافيٍّ أو تاريخيٍّ، بل هي شعورٌ عميقٌ ينبعُ من صميمِ الروحِ، وحبٌّ خالصٌ ينبضُ في عروقِنا. فلقد حبانا اللهُ عزّ وجلّ بتراثٍ عظيمٍ وحضارةٍ عريقةٍ، ونحنُ مسؤولونَ عن حمايتها ونقلِها للأجيالِ القادمةِ. فلنجعلْ من تراثِنا وهويتنا مصدرَ فخرٍ واعتزازٍ، ونُعزّزَ قيمَ الولاءِ والانتماءِ في نفوسِ أولادِنا، ونُعلّمَهم أنّ مصرَ هي أمُّنا جميعًا، وأنّ واجبَنا تجاهَها هو واجبٌ دينيٌّ ووطنيٌّ. وختامًا، نُردّدُ معَ الشاعرِ أحمدَ شوقي:
بلادُ العُلى أنتِ دارُنا وإليكَ نَفْسُنا تَميلُ ....هُناكَ حَياتُنا ونَفْسُنا وَمَوْتُنا هُناكَ جَميلُ
كُلُّما نَظَرْتُ في آفاقِها رَأَيْتُ مَنَارَها يَميلُ .....مِنْ فَجْرِها هَدْيُنا وَنُورُها وَعِزُّها عِزُّنا وَحَوْلُ
مِنْ مَجْدِها مَجْدُنا وَعِزُّها وَمِنْ حَضَارَتِها حضارتنا تَطُولُ
بقلم...
أ.د./ شعبان الأمير
رئيس الفريق البحثي لخارطة طريق التراث وتأصيل الهوية المصرية مجلس بحوث الثقافة والمعرفة قطاع المجالس النوعية - اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا-وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
Comments