سناء ارحال
إن السعادة تقرع باب قلب من يملك روحا سامية، وإرادة حرة في "التعالي عن الواقع"، ذلك الواقع المليء بالصخب والضجيج والفوضى والمؤثرات الخارجية واللذات الزائلة… والتي مجرد بلوغها يذوب معها الشغف والمتعة.
وإذا كانت السعادة في نظر البعض، هي بلوغ ذلك الحد الأقصى من الممتلكات والإنجازات بالحياة، فإن تحقيقها والإغراق فيها، يضعف لديهم الشعور بمضمون الحياة، وقد يرتمون في حضن الرتابة والملل، بعدما يتوصلون إلى أن ما يملكونه هو مجرد جماد، ليس بالضرورة أن ينفخ في أعماقهم روح السعادة.
فيما آخرون يرون أن السعادة، تكمن في درجات انسياب الروح وتدفقها في مجرى التعفف والاكتفاء، وبتحرر كبير من نداءات العالم الخارجي، عبر تصريف ذاتي إلى أن "الوجود الخاص" ينبع من "ذات الشخص" لا عالمه الخارجي.
إن الشعور بالسعادة ينمو عبر نثر بذور القناعة في الروح، لتنتزع الفرد من واقعه المادي، وتسمو به في حياة باطنية عميقة، تمتد جذورها وفروعها في عوالم روحية.
كما قد تبدو السعادة للبعض، حالة صعبة أو نادرة أو مؤقتة، فلا يمكن دائما بلوغها، بينما تبدو للبعض الآخر، حالة عميقة سهل التوصل إليها، والسر يكمن في القدرة على خلق معاني للحياة وإتمامها وإنضاجها.
ولأن السعادة هي غاية الجميع، فإن تحقيقها ربما منوط أيضا، بتصريف الحياة على نحو يخلو من التعقيد والتدقيق والمبالغة والانحياز…، واستعذاب المتاح والممكن من هذه الحياة، عبر سعي مستمر في أن يكون النشاط حرا، له معنى يتناغم مع تغيرات التفاصيل والتجليات في جميع المناحي.
ومن ثمة، فلاشك أن الرغبة في بلوغ شعور السعادة جزء لا يتجزأ من صميم تجربة الحياة، غير أن "السمو بالروح" يصبح معه هذا الوجود ملكا للفرد، بعد أن يتضاءل العالم برمته، في عين روحه، فيما تكبر ذات الفرد وتمتد دون حدود، على امتداد هذا العالم.
Comments