إن أطفالنا هم مسئوليتنا الوحيدة، وعلينا أمانة لا يمكن أن نتخلى عنها؛ ألا وهى كيف نجعل أطفالنا مختلفين يصنعون مستقبلا أفضل لغد مشرق. ولا أخال أى أبوين سويين لا يحلمان بهذا . فمع تصاعد حدة الفقر فى العالم يتخيل الناس أن الطفل المبدع يجب أن يكون فى بيئة مدللة توفر له عناصر الرفاهية ليصبح مختلفا؛ والحقيقة أن التجربة العملية تشى بالعكس. فمن المعاناة يولد الإبداع. وأغلب المبدعين جاءوا من بيئات متوسطة وتحت المتوسطة. فدائما الصعوبات هى بداية الانتصار والاختلاف؛ ذلك لأن التحديات تجعلك تفكر بطريقة مبتكرة وخارج الصندوق. فماذا يحتاج الطفل المبدع من أبويه حتى تكتمل عناصر شخصيته وإبداعه؟! أولا: اكتشاف ذلك الجانب، ثانيا: أن الإيمان به وتشجيعه بأبسط الأساليب.
والإبداع لا يقتصر على الكتابة والقراءة فحسب؛ ولكن يرتبط بالتفكير العلمى والعلوم التطبيقية. فكيف يمكن أن نكتشف أطفالنا المبدعين؟! هناك مقياس للعالم تورانس يؤكد فيه التفكير المبدع؛ حيث يتم تقييم الطفل على أربعة أبعاد رئيسية الطلاقة: وهى القدرة على إنتاج عدد كبير من الأفكار فى وقت محدد، المرونة: وتقاس عن طريق القدرة على تغيير زاوية التفكير وإيجاد أفكار متنوعة، الأصالة: وهى إلى أى مدى يستطيع الطفل ابتكار أفكار فريدة وغير مكررة، التفاصيل: وهى قدرة الطفل على إضافة تفاصيل دقيقة تعكس تفكيره العميق، كما تعتبر شدة الحساسية لدى الأطفال مؤشرا قويا على إبداعهم. فيجب على الأسرة مراعاة هذا ومتابعته.
فإذا اكتشفنا طفلنا المبدع ماذا علينا أن نفعل؟! أولا: نصف اتجاهه وشغفه، ثانيا: التوجه به لأقرب فرع من فروع مراكز الشباب، أو الهيئة العامة لقصور الثقافة، ثالثا: التوجه به للمراكز العلمية التى تدعم هذا الاتجاه. فهناك مراكز تدعم العلماء الصغار. وأقترح أن تقدم الجامعة هذه الخدمة فتفتح كل كلية فرعا لرعاية الموهوبين فى محافظتها كنوع من خدمة المجتمع والبيئة. ويقوم الأساتذة العلماء الذين لديهم القدرة على هذا العمل التطوعى فى رعاية النبت الصغير المحتاج لهذا لأن امكانات الجامعات كبيرة ومختلفة. ومن جانب آخر فى منازلناعلينا أن نشجع الأطفال على التفكير النقدى فلا نكبت آراءهم بل نعلمهم كيف يقدمونها بطريقة جذابة مهذبة.
وتعتبر قضية حماية الأطفال وتعزيز قدراتهم الإبداعية فى عصر التكنولوجيا المتسارعة قضية بالغة الأهمية حيث يزايد الاعتماد على الآلات والأجهزة الذكية بشكل يمثل خطرا على نمو الأطفال وتطورهم الطبيعي. ولذلك أخلص إلى بعض النتائج التى أتمنى أن تتبناها الدولة. أولا: منع استخدام الأجهزة المحمولة فى المدارس والجامعات لخلق بيئة محايدة نظيفة تتعامل مع معطيات الطبيعة. ثانيا: إتاحة الفرصة لاكتشاف الطفل المبدع واتجاهاته من خلال مراكز الأمومة والطفولة ومراكز الشباب والثقافة، ثالثا: الاهتمام أيضا بذوى الاحتياجات الخاصة واكتشاف قدراتهم الإبداعية. رابعا: دعم الجامعة كما أشرت بفتح مراكزللمبدعين وتوجيه قدراتهم العقلية لجذبهم لطريقهم الصحيح وتحديد هدفهم. خامسا:عمل دورات تدريبية للمقبلين على الإنجاب لكيفية التعامل مع أولادهم وحمايتهم واكتشاف قدراتهم. فما أجمل الأطفال يقول الشاعر السورى عمر بهاء فى العودة للطفولة. أين الطفولة فى توقدها؟/ أين الدمى فى الأرض والكتب؟! فهتافهم بابا إذا فرحوا، ووعيدهم بابا إذا غضبوا.
Comments