تشهد جمهورية بيلاروسيا، بموقعها الجغرافي الاستراتيجي في قلب أوروبا، نمواً اقتصادياً متزايداً بفضل الصناعات الرئيسية والزراعية. حيث تعتمد الدولة بشكل كبير على الصادرات، خاصة في مجالات الآلات والمعدات. كما تعزز بيلاروسيا من شبكتها التجارية من خلال علاقات قوية مع جيرانها وكذلك عبر الشراكات الدولية التي تسهم في تنويع اقتصادها.
وبفضل القيادة الحكيمة والسياسات الاقتصادية المدروسة والناجحة، تمكنت بيلاروسيا من بناء نموذج اجتماعي واقتصادي يوفر الرفاهية للمواطنين ويعزز من مكانتها الدولية، مما مهّد الطريق لشراكات أقوى مع باقي دول العالم.
النموذج الاجتماعي في بيلاروسيا:
رغم غياب الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، تمكنت بيلاروسيا من بناء نموذج اجتماعي يضمن الرفاهية للمواطنين. حيث تُقدم الدولة التعليم والرعاية الصحية مجانًا، وتوفر بيئة داعمة للنمو الاقتصادي.
وتستقبل جمهورية بيلاروسيا مرحلة جديدة واعدة بمناسبة الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 26 يناير 2025، حيث تتجلى فيها روح الديمقراطية والمشاركة الشعبية. هذه الانتخابات تُمثّل لحظة حاسمة يُمكن للمواطنين من خلالها تشكيل مستقبلهم السياسي في أجواء تسودها الشفافية والعدالة.
وبهذه المناسبة يُؤكد سعادة القنصل العام لجمهورية بيلاروسيا في دبي أليكسي جالدينبين:
"من المقرر في السادس والعشرين من يناير الحالي إجراء انتخابات الرئاسة في بيلاروسيا، وهو موعد قريب جدًا. يوجد حاليًا خمسة مرشحين مسجلين، وتسير الحملة الانتخابية بهدوء واستقرار.
الأهم هو أن شركاءنا الاستراتيجيين وحلفاءنا يثقون في أن كل شيء سيجري وفقًا للقوانين. وبالطبع، نحن ندعو مراقبين دوليين من الدول الصديقة لمتابعة تنظيم الانتخابات، ولكننا على يقين بأن كل شيء سيمضي بهدوء.
باختصار، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، فإن الوضع في البلاد مستقر. الإنجازات الاقتصادية واضحة، والشوارع آمنة، وكل شيء هادئ.
السيرة الذاتية للقنصل:
حاصل على درجة الماجستير في العلوم القانونية، من جامعة بيلاروسيا الحكومية.
تم تعيينه في منصب القنصل العام لجمهورية بيلاروسيا في دبي في أغسطس 2024. وعمل سابقا في رئاسة مجلس الوزراء في جمهورية بيلاروسيا
العلاقات بين الإمارات وبيلاروسيا:
يتابع سعادة القنصل العام: " تُعدّ العلاقات بين الإمارات وبيلاروسيا مثالية في جميع المجالات، سواء السياسية أو الاقتصادية. إذ لدينا قاعدة صلبة من العلاقات التي بُنيت بفضل القيادة الرشيدة في البلدين المتمثلة بحكمة الرئيس الإماراتي والرئيس البيلاروسي. وهذه ليست مجرد علاقات شراكة، بل هي علاقات صداقة حقيقية. فالعلاقات بين بيلاروسيا والإمارات تتميز بالاستقرار والقوة، مدعومة بأساس سياسي واقتصادي متين.
كما أن هناك تبادل منتظم للزيارات على أعلى المستويات بين بلدينا، وهذا جانب مهم جدًا. بالإضافة إلى ذلك، لا نتحدث فقط عن الزيارات على مستوى القادة، بل تشمل الزيارات أيضًا مستويات وزارية متعددة مثل وزراء الثقافة، الرياضة، السياحة، الاقتصاد، والداخلية. هذه الزيارات تُظهر الطابع البنّاء والمثمر للحوار بين بلدينا.
- التعاون السياسي والاقتصادي:
يتمتع البلدان بعلاقات سياسية مستقرة. ففي ديسمبر الماضي، زار رئيس بيلاروسيا فخامة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. وقد أكدت هذه الزيارة مجددًا عمق العلاقات وحرص الطرفين على تعزيز التعاون.
ةمما يجدر بالذكر أن الرئيس البيلاروسي قد زار دولة الإمارات حوالي 10 مرات، - كما يوجد زيارات متبادلة لمسؤولين من كلا البلدين على جميع المستويات.
كما تمكنّا من تطوير قاعدة قانونية شاملة تحكم تعاوننا، تشمل اتفاقيات أساسية مثل التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية، وكذلك اتفاقيات لتجنب الازدواج الضريبي. هذا الأساس الاقتصادي هو قاعدة صلبة للتعاون بين بلدينا. بالإضافة إلى ذلك، هناك مجالات أخرى تم تنظيمها، مثل التعليم العالي، الثقافة، والأمن. ومن الاتفاقيات المهمة جدًا التي تم التوصل إليها، إلغاء متطلبات تأشيرات السفر بين مواطني بيلاروسيا والإمارات العربية المتحدة، مما يُسهل حركة السفر. كما تم توقيع مذكرة تفاهم للاعتراف المتبادل برخص القيادة؛ وهو أمر مهم بالنسبة للمغتربين البيلاروسيين في الإمارات، والإماراتيين في بيلاروسيا.
ويقيم في الإمارات حوالي 5000 مواطن بيلاروسي، يعملون في مختلف المدن الإماراتية، بعضهم مع عائلاتهم، ويمارسون أعمالهم في شركات مختلفة.
الإمارات: أبرز المستثمرين في اقتصاد بيلاروسيا.
عندما نتحدث عن الاستثمارات المتبادلة وآفاق العمل المشترك بين بلدينا، نجد أن الإمارات تستثمر بنشاط في الاقتصاد البيلاروسي. وتشمل هذه الاستثمارات قطاعات متعددة مثل البناء، التطوير العقاري، والقطاع الطبي. فالإمارات تُعد واحدة من أبرز المستثمرين في اقتصاد بيلاروسيا.
وبفضل السياسات الحكيمة لقيادة الإمارات، تم إنشاء بيئة أعمال جذابة تسهل تسجيل الشركات من جميع أنحاء العالم، حيث يمكن إتمام العمليات بسهولة وسرعة حتى عبر الهاتف الذكي. وتدرك الشركات البيلاروسية أهمية تنويع أسواقها التصديرية لضمان الاستقرار الاقتصادي وتقليل الاعتماد على سوق واحد. لذلك، يشارك العديد من رجال الأعمال البيلاروسيين بفعالية في معارض دبي، التي تُعقد بشكل مستمر تقريبًا.
ففي نهاية العام الماضي، تم الانتهاء من الاتفاق على نص اتفاقية شاملة للتعاون الاقتصادي بين الإمارات والاتحاد الاقتصادي الأوراسي. هذه الاتفاقية تشمل خمس دول: بيلاروسيا، روسيا، كازاخستان، قيرغيزستان، وأرمينيا.
ووفقًا للإحصائيات الإماراتية، فقد بلغت التجارة الغير نفطية مع الاتحاد الأوراسي في النصف الأول من عام 2024 حوالي 13.7 مليار دولار أمريكي، بزيادة 30% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. وهذا النمو يعكس الإمكانيات الهائلة للتعاون الاقتصادي، حيث إن تنوّع المنتجات بين الإمارات والاتحاد الأوراسي يجعلنا شركاء مكملين لبعضنا البعض.
القطاعات الواعدة للاستثمارات الإماراتية في بيلاروسيا:
يُعدّ قطاع الضيافة الأكثر جاذبية، نظرًا للإمكانات الكبيرة مع التدفق المتزايد للسياح إلى بيلاروسيا من دول الشرق والغرب. فعلى سبيل المثال، أصدرت الحكومة البيلاروسية قرارًا يتيح دخول مواطني الاتحاد الأوروبي دون الحاجة إلى تأشيرة دخول. فهذه الخطوة تهدف إلى جذب السياح لزيارة بيلاروسيا ليكتشفوا أن بيلاروسيا دولة متقدمة، ذات اقتصاد قوي، ومجتمع آمن، وشعب مضياف يرحّب بالزوار.
السياحة العلاجية:
تعمل بيلاروسيا على تطوير السياحة العلاجية. إذ تُعدّ الجودة الطبية في البلد أعلى من المعايير الأوروبية، بينما التكلفة أقل بكثير. وهذا ما يجعل بيلاروسيا وجهة مثالية للراغبين في تلقي العلاج بأسعار معقولة مع المحافظة على الجودة.
35,000 مواطن بيلاروسي زار الإمارات خلال عام 2024
تسهيلات للسياحة المتبادلة:
- إلغاء التأشيرات: يعد إلغاء التأشيرات بين بيلاروسيا والإمارات عاملًا أساسيًا في تعزيز السياحة.
- الرحلات الجوية المباشرة: هناك رحلات مباشرة بين البلدين عبر شركتي "فلاي دبي" و"بيلافيا"، حيث تُسيّر "فلاي دبي" 10 رحلات أسبوعيًا، وكذلك شركة طيران "بيلافيا" رحلة بشكل يومي. أما معدّل الإشغال لهذه الرحلات فيتجاوز 80%، مما يشير إلى الطلب الكبير من البلدين.
- إحصائيات سياحية: في العام الماضي، زار الإمارات حوالي 35,000 مواطن بيلاروسي. وبالتالي فإنّ هذا الرقم يعكس الاهتمام المتزايد بالسفر بين البلدين.
مجالات السياحة المستهدفة:
- السياحة العلاجية: لجذب المقيمين في الإمارات لتلقي العلاج في بيلاروسيا.
- التعليم: لدعوة الطلاب الإماراتيين للدراسة في بيلاروسيا، خاصة في المجالات الطبية والتقنية، حيث تظل المؤسسات التعليمية البيلاروسية مستندة إلى الأسس القوية للنظام التعليمي السوفييتي.
- السياحة الثقافية والفعاليات: تنظيم فعاليات ومهرجانات في بيلاروسيا لجذب السياح.
السياحة الصيفية: استهداف المواطنين الإماراتيين الذين يبحثون عن وجهات صيفية باردة خلال فصل الصيف في الإمارات.
العلاقات الدبلوماسية:
- تأسست العلاقات الدبلوماسية بين بيلاروسيا والإمارات عام 1992.
- وقد افتُتحت سفارة بيلاروسيا في الإمارات عام 1999، بينما افتُتحت سفارة الإمارات في بيلاروسيا عام 2008. وهذه السفارات تُظهر التزام البلدين بتطوير العلاقات الثنائية.
على مدى الفترة الماضية، لم يكن تعزيز العلاقات الاقتصادية بين بلدينا أمرًا مستحدثًا، بل هو عملية مستمرة تهدف إلى بناء علاقات قوية على المستويين الحكومي والخاص. إذ تدرك الشركات البيلاروسية الدور المحوري الذي تلعبه الإمارات ليس فقط في المنطقة، بل على مستوى العالم، باعتبارها بوابة رئيسية لأسواق الخليج وأفريقيا والشرق الأقصى.
الفعاليات الثقافية القادمة:
في هذا العام 2025، ستقام "أيام الثقافة الإماراتية" في بيلاروسيا. سيشمل ذلك عروضًا لفنانين إماراتيين، أدباء، وموسيقيين في مدن بيلاروسية متعددة، وليس فقط العاصمة. بدأنا بالفعل في التحضيرات، وهذا الحدث يُبرز أهمية الدبلوماسية الثقافية في تقارب الشعوب.
الجالية البيلاروسية في الإمارات:
يوجد حوالي 5000 مواطن بيلاروسي يعيشون في الإمارات. مع التوقّع بزيادة هذا العدد، لأن الإمارات تُعد وجهة جذابة ليس فقط للأعمال، بل أيضًا للتطور المهني والتعليم. كما تُقدم الدولة فرصًا واسعة للمواهب من مختلف المجالات، مثل الأطباء، المهندسين، الفنانين، وغيرهم، من خلال برامج تشجيعية مثل تأشيرات الإقامة الذهبية لمدة 10 سنوات.
ويتابع سعادة القنصل العام قائلاً: نعمل بشكل نشط مع الجالية البيلاروسية لتعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال، في نهاية العام الماضي، نظمنا فعالية احتفالية قبل رأس السنة، حيث استضفنا فرقة مسرحية من بيلاروسيا لتقديم عروض في دبي. وقد حضر حوالي 300 شخص، وكانت الفعالية ناجحة جدًا.
الاستثمارات الإماراتية:
تُعد الإمارات واحدة من أكبر المستثمرين في الاقتصاد البيلاروسي، مع استثمارات في قطاعات البناء، التطوير العقاري، والخدمات الطبية. ومع ذلك، نعمل دائمًا على تعزيز هذه الاستثمارات لتحقيق المزيد من النمو.
أما الصادرات البيلاروسية إلى الإمارات فتشمل منتجات غذائية مثل الأجبان، والأسماك البيلاروسية، والكافيار، التي أصبحت متوفرة في معظم متاجر الإمارات.
الأخشاب ومواد البناء: حيث تغطي الغابات 40% من أراضي بيلاروسيا، وتوفر كميات كبيرة من الأخشاب لدعم قطاع البناء المتنامي في الإمارات.
أما الخدمات التقنية والنقل: فهناك حضور قوي للشركات البيلاروسية في هذه المجالات، حيث تقدم حلولًا مبتكرة وفعالة.
الوضع الاقتصادي في بيلاروسيا:
تمكّنت بيلاروسيا من تحقيق نجاحات اقتصادية ملحوظة:
ففي العام الماضية 2024، بلغ معدل الناتج المحلي الإجمالي 4%، وهو معدل يتفوق على العديد من الدول الأوروبية وحتى المتوسط العالمي.
- استقرار العملة المحلية: على الرغم من الضغوط الاقتصادية، تظل العملة البيلاروسية مستقرة بسبب السياسات الحكيمة.
- الإنفاق المحلي: شهدت بيلاروسيا زيادة في الطلب المحلي، مما يعزز قطاعي الخدمات والتجزئة.
- نمو دخل المواطنين: ارتفعت بنسبة 10% في عام 2024، مما يعكس تحسنًا ملحوظًا في مستوى المعيشة.
وتهدف بيلاروسيا، إلى تحقيق نمو إضافي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1%، بالإضافة إلى تعزيز دخل المواطنين، ومواصلة تقديم الخدمات الاجتماعية مثل التعليم المجاني والرعاية الصحية الشاملة.
مبادرة التوأمة الإماراتية البيلاروسية:
يتابع سعادة القنصل قائلاً: نحن ملتزمون بتعزيز التعاون بين بلدينا على جميع المستويات. نريد أن نبني جسورًا من الصداقة والثقة عبر هذه الشراكات الاقتصادية والسياحية والتعليمية، ونسعى لجعل بيلاروسيا وجهة مفضلة للإماراتيين في مختلف المجالات.
من المبادرات التي نعمل على تعزيزها حاليًا هي إقامة علاقات توأمة بين مناطق محددة في بيلاروسيا وبعض الإمارات. إنها اتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون المباشر بين المدن أو المناطق في مختلف البلدان، من خلال تبادل الخبرات وتطوير الشراكات في مجالات مثل التعليم، الثقافة، السياحة، وحتى الاقتصاد.
نحن نسعى بجدية لتشجيع إقامة مثل هذه العلاقات بين مناطق محددة في بيلاروسيا مثل "بريست" وبعض الإمارات. هذه العلاقات يمكن أن تفتح آفاقًا جديدة للتعاون على مستوى محلي وتعزز من الروابط الشعبية بين البلدين.
Comments