top of page

النيل يلفظ أنفاسه الأخيرة!


"نهر النيل عجز"! و بدأت تظهر عليه علامات الشيخوخة، وسيطرت عليه حالة من الجمود، بعدما كان يشع بالبهجة، والضياء.. الذي دام يروي أبناءها منذ وجودهم على قيد الحياة، فكان شاهداً على ولادة الحب بينهم، أصبح شاهداً على كراهيتهم لبعضهم البعض.. فمن الطبيعي أن يموت النيل بعدما ماتت الرحمة من قلوب أبنائه..فلماذا أصبح المصريون عاقين بأبيهم ؟!

وكان نهر النيل شاهداً على قيام أعظم حضارات العالم، الحضارة الفرعونية. ودام المصري القديم على تقديس النيل، واعتبره مركز الحياة؛ لأنه آمن بأهميته، وعرف قدره، لدرجة أنه كان يقدم له القرابين، فلولاه ما قامت الحضارة المصرية، كما قال المؤرخ اليوناني، هيرودوت.

وكان الفراعنة يحتفلون بالنيل في شهر أغسطس من كل عام بإهدائه الأضاحي، كنوع من الاعتراف بالجميل، وزيادة الرخاء والاستقرار لمصر. ونجدهم يعاقبون من يلوث النهر ويؤذيه، بأن يحل غضب الألهة عليه.. فلهذه الدرجة كان النيل يمثل للمصري القديم الكثير. والآن جاء المصري الجديد قاصداً إيذاء النيل. فهو لا يعرف أنه في نهاية الأمر يؤذي نفسه.. فهو من يلوث مياه النيل بالمخلفات الكيميائية للمصانع،لتصيبه بالأمراض والأوبئة. حيث تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن تلوث المياه في مصر يزيد على ثلاثة أمثال معدلات التلوث العالمية. وهو من يقوم بردم أجزاء من النيل؛ لبناء المنازل والڤلل، لينتهي الأمر بالجفاف. حيث بلغ إجمالي حجم التعديات على النيل إلى أكثر من ١٢١ ألف تعد.. ومازال هناك المزيد من التعديات القائمة..وهو من يقوم بالإسراف في استخدام المياه ، حتى نشاهد أن الكمية التي يستخدمها الفرد الواحد قد تكفي عائلة بأكملها. وهو من يقوم بإلقاء الحيوانات النافقة، وتسريب الصرف الصحي بالنيل، فتتغذى عليها الأسماك، ويتسمم هو بالنهاية. ثم يشتكي وهو في الأساس مفتعل الأزمة.. أيها المواطن المصري أنت الخطر الحقيقي على نيل مصر.

Comments


bottom of page