قامت ثورة الثلاثين من يونيو، فقامت الدنيا ولم تقعد، وكان لزاما على القيادة السياسية المصرية، أن تهيئ نفسها لمجابهة طوفان عالمي، أقل ما يوصف به أنه "غاشم"، لكن من حملوا أرواحهم على أكفهم، كانوا على ثقة بقدرة الشعب المصري، وكل مؤسسات الدولة التي هو نسيجها الوطني، على إكمال طريقهم، الذي لا يتوافر غيره بديلا؛ فسجلوا بأحرف من منعة وعزة، مواقف أثنت العالم أجمع، عن المضي قدما فيما اعتبروه فرصتهم للانقضاض على مقدرات وطن وشعب وصل بجذوره مدى غير معلوم، فصنع حضارة، اخترعت شيئا إسمه "التاريخ".
أسوق هذا لمن لا تزال أنفسهم الخبيثة مصرة على القدم نحو التشفي، في وطن أدرك القائمون على إدارته خطورة كل المراحل، فكان القرار الحكيم في الوصول إلى منابع التسليح من كل أنحاء المعمورة، مفوتين الفرصة على أي من المعسكرات التي ظنت أنها صاحبة القرار في تسليح الجيش المصري، وأنها صاحبة المنح والمنع، فكان التوجه شرقا وغربا، وكانت الخطوات الحثيثة لزيادة وتعزيز قواعدنا العسكرية والانتشار على كامل مرتكزات حدودنا، وقد كان التجديد والتأكيد على إعلان قوتنا الرشيدة، التي طمأنت العالم أننا لسنا طالبي حرب، ولا دعاة عدوان، وإننا نوجه قدراتنا العسكرية للحفاظ على مقدراتنا ومشاريعنا التنموية التي انطلقت مع التأكيد عليها.
تتوالى الأحداث، وينطلق المارد المصري بقطار التنمية، ليصل كل شبر من أرض المحروسة، فيخرس الألسنة المشككة بأرقام وإحصاءات أعيت كل من تابعها منهم، ولم تستطع عينه - التي تتوقع الإخفاق - أن تعي كل ما تراه من إنجازات أذهلت العالم.
لقد استيقظ المصريون والعالم خلال أسبوع واحد، على بعض الأحداث التي عادة ما نراها تقع في كل البلدان، وبالتحديد حادثتي القطار وجنوح السفينة البنمية العملاقة في قناة السويس، وقتها كتم مشككو الداخل والخارج أنفاسهم، محدثين أنفسهم الخبيثة بأن المصريين لو خرجوا من الأولى، لن يخرجوا من الثانية، حيث الحدث الجلل، الذي اعتبروه اختبارا قاسيا للإرادة المصرية، لم لا وهو مرتبط بشريان مائي عالمي، أوقف العالم على أقدامه، حيث تتوالى خسائر التجارة العالمية لتصل إلى المليارات، وقتها ظهرت حلول ظنها البعض وهما أنها بدائل لقناة السويس.
ومن الإنصاف في القول وإحقاق الحق، فقد صاحبت هذه الأحداث مواقف إيجابية لبعض الأشقاء والأصدقاء الذين عرضوا مساعداتهم على الحكومة المصرية، لكن الإدارة السياسية، أصرت على أن تكون الحلول مصرية خالصة، مقدرة مشاعرهم ووقفاتهم النبيلة.
وفي أيام - وعلى غير المتوقع - ينتفض المارد المصري، ويطمئن العالم بأنه قادر ويستطيع.
وتتوالى الأحداث على جبهة أخرى من جبهات الصمود المصري، في قضية مصيرية، أو فلنقل قضية وجود، وهي قضية مياه النيل، وقد طفا على سطح الأحداث بعض مظاهر مروق للجانب الأثيوبي، مدفوعا ببعض أعداء الخارج، الذين سيوقعونه في شر أعماله، إذا لم يفق، وقد حذر الرئيس القائد عبد الفتاح السيسي ممن يقترب من هذا الملف المصيري، بخط من خطوطه الحمراء التي أطلقت من قبل، وكانت رادعا لغيرهم.
وإذ أؤكد في هذا الصدد، أن الشعب يقف خلف قيادته الحكيمة، مذكرا بأن القوة الرشيدة، حينما ترى القيادة السياسية أنها ستكون قوة غاشمة، فستكون، لأن مصر تستطيع، نعم .. هي تستطيع.
Comments