رأي_ هبة معوض
"هذا الكتاب عن مصر فهي هناك من أول كلمة إلى آخر كلمة وبين السطور".
استوقفني عنوان الكتاب منذ الوهلة الأولى وما جذبني إليه أكثر هو اسم د.ميلاد حنا، وكيف سيبني ذلك المهندس الشخصية المصرية؟
الكتاب له طابعه الخاص به، والمختلف عن الكتب الأخرى، فهو ليس بكتاب تاريخي أو سياسي أو أي نوع محدد، بل هو مزيج من التاريخ والجغرافيا السياسة والفلسفة، إضافة لبعض من السيرة الذاتية، أو كما أرى فهو نوع من الأدب الراقي، يحاول فيه الكاتب توضيح وشرح الأعمدة السبعة لأي مصري.
لذلك قسمه لخمسة فصول، تحدث فيهم عن اختلاف الانتماءات لدى المصريين، هل هي تاريخية سواء كانت فرعونية .. يونانية رومانية .. قبطية .. إسلامية أم جغرافية_ توضح الانتماءات المكانية هل إنتماء عربي .. للبحر المتوسط .. لأفريقيا_ وكيف نبعت، لذلك حاول أن يسرد أوجه الشبه والاختلاف بين الحضارة المصرية والحضارات الأخرى، وكيف أن الحضارة المصرية تكونت من عدة رقائق، والشخصية المصرية تكونت سبعة أعمدة زمانية ومكانية، هذه الأعمدة جعلت لكل مصري انتماء مختلف، ففي هذا الكتاب ستجد نفسك في رحلة سريعة متسلسلة ومرتبة للحضارات والعصور القديمة، رحلة لن تستطيع ان تحدد ملامحها هل هي دينية أم جغرافية أم سياسية أو شيء جديد تماما.
ومن خلال عرض الانتماءات التاريخية، ولأن المرحلة القبطية والمرحلة الإسلامية هما المرحلتين اللتين لا يزال الشعب يعايشهما، فقد ناقشها من عدة زوايا شملت بشكل عام معظم نقاط الجدل التي تدور إلى الآن في المجتمع العربي بل والمصري، بداية من الحديث عن المسيحيين ككل عن كونهم الفئة الأصلية في مصر، ورغم تحولهم للفئة الأقل إلا أن ذلك لم يحدث أي نوع من أنواع العنصرية بينهم وبين المسلمين، والدليل على ذلك ما ذكره حول الحروب العنصرية في لبنان.
وما جذب انتباهي هو التطرق لمسألة دخول العرب لمصر، وذكره للفظة الفتح العربي لمصر، والتي كان من الممكن أن يستبدلها بكلمة الغزو، فهي كلمة لا تدل على فتح أو احتلال واستعمار، فكان من الممكن أن يرى الغزو العربي على أنه احتلال، لكونه مصري مسيحي، كانت ديانته هي الأساس، كما رأى ألفريد بتلر في كتابه فتح العرب لمصر أنه عندما دخل العرب مصر كانوا فئة قليلة جعلت المسيحيين أو الأقباط تدخل في الاسلام كرها أو خوفا لكنه عرض الفكرة بشكل موضوعي بل أوضح شهد أن المسلمين لم يدخلوا مصر عنوة.
عرض الكتاب..
الفصل الأول:رقائق من الحضارات
تحدث فيه حول ست نقاط، تبدأ برحلته في السويد، وكيف عرف أن مصر رقائق من الحضارات، من خلال مديح الدكتور شتين فانتر، ثم تدور أحداث الواقعة الثانية في الصين، ليعرض من خلالها مقارنة بين الحضارة الصينية والحضارة المصرية، يوضح فيها العلاقة بين كل من الحضارتين، وإنتماءهم لدول العالم الثالث، وتطور كل من الدين واللغة المصرية ثلاث مرات، وثباتهم في الصين، إلى أن انتقل الحديث حول التحول إلى العربية والإسلام، وإعاءات السود حول صناعة حضارة الفراعنة.
الفصل الثاني:لن تتلبنن مصر
ناقش خلاله مسألة الحرب اللبنانية وعنصرية الأديان، وكيف أن المصريين لن يصلوا إلى ذلك التفكك والطائفية، وذلك لأسباب كثيرة، أهمها أنه حتى في أسوء الظروف ورغم اغتيال ثمانية أساقفة وأربعة وعشرون قسيسا من رجال الكنيسة في فترة من الفترات، ذلك وحد المصريين أكثر، كما تحدث عن الطبقية في مصر وسنوات الإنفتاح في مصر الدولارية ومصر الشعبية.
الفصل الثالث: إنتماءات تاريخية أربعة
عرض فيه الانتماءات الزمنية للشخصية المصرية والتي تتمثل في (الإنتماء الفرعوني، العصر اليوناني الروماني، العصر القبطي)، وقد أوجز أسباب الإنتماء وتاريخ الثلاث فترات الأوائل بشكل سريع، لأن المرحلة القبطية والمرحلة الإسلامية هما المرحلتين اللتين لا يزال الشعب المصري يعايشهما حتى الآن، فقد ناقشها من عدة زوايا شملت بشكل عام معظم نقاط الجدل التي تدور إلى الآن في المجتمع العربي بل والمصري، بداية من الحديث عن المسيحيين ككل عن كونهم الفئة الأصلية في مصر، ورغم تحولهم للفئة الأقل إلا أن ذلك لم يحدث أي نوع من أنواع العنصرية بينهم وبين المسلمين، والدليل على ذلك ما ذكره حول الحروب العنصرية في لبنان.
الفصل الرابع:إنتماءات بحكم المكان
تحدث فيه عن الثلاث إنتماءات الجغرافية للشخصية المصرية، والمتمثلة في (إنتماء مصر العربي، إنتماء مصر للبحر المتوسط، إنتماء مصر لأفريقيا)، ففي الإنتماء العربي، ناقش مسألة دخول العرب لمصر، وذكره للفظة الفتح العربي لمصر، والتي كان من الممكن أن يستبدلها بكلمة الغزو، فهي كلمة لا تدل على فتح أو احتلال واستعمار، فكان من الممكن أن يرى الغزو العربي على أنه احتلال، لكونه مصري مسيحي، كانت ديانته هي الأساس، أو أن الإنتماء المصري قد يكون للبحر المتوسط، نظرا لأن تاريخ مصر هو تاريخ البحر المتوسط على وجه التقريب، حيث جاء الفتح العربي وغزو الصليبيين من الجانب الشمالي الشرقي لحوض البحر المتوسط، وأن انتماء مصر الى مجموعة دول البحر المتوسط قد وصل إلى نقطة تحول جديدة في العصور الحديثة مع الحملة الفرنسية، أو قد أفريقي نظرا لكونه المستقبل لمصر.
الفصل الخامس:لسنا قوالب متماثلة لكل منا شخصيته
وضح فيه عدم تساوي تلك الإنتماءات من حيث القدر أو الأفضلية، وصنف من خلاله إنتماءات المصريين في كل فترة من فترات مصر، موضحا عدم ثبات هذه الإنتماءات، وكيف أنها غير ثابته أو مهمة في ظل الإنتماء الطبقي، الذي يلعب دور أساسي في حركة المجتمع.
والقاريء لهذا الموضوع سيجد أنه أمام لغة سهلة ومفهومة للجميع تعطي نوع من الإيجابية للقاريء، لكنه في نفس الوقت لا يتعمق في التفاصيل بل يلقي عليها نظرة عامة، لذلك فالكتاب سيكون شيق لمن يريد معرفة اللقطات أو اللمحات الأساسية من التاريخ المصري وليس لدارسي التاريخ أو المتعمقين فيه.
Comments